إستكشاف الإبتكار في العراق

12 مارس 2020

فريق خدمة مختبرات التسريع. تصوير: عز النعيمي/كانون الأول/ 2019

"لا أريد أن أتعلم الوساطة  في حل النزاعات، أريد أن أتعلم كيف أستطيع أن أصبح مستقلة اقتصاديًا. وأن أكون قادرة على إعالة نفسي وأسرتي مالياً"، هذا ما قالته نورا، وهي أرملة وأم لثلاثة أطفال، بينما كنت أعطي تدريباً عن مهارات الحياة والوساطة في مدينة الصدر ببغداد.

جملتها جعلتني أفكر، هل المنظمة التي أعمل فيها تعالج التحديات الصحيحة؟ عادة ما نسأل الخبراء لتحديد التحديات، ولكن هل هم الأشخاص المناسبون للإجابة؟ وبالتالي، هل نعالج التحديات الصحيحة؟

العراقيون يعرفون تحدياتهم، وقد نجحوا طوال قرون في إيجاد حلول محلية للتغلب على العقبات التي يواجهونها يومياً. أدت هذه الحلول، في بعض الحالات، إلى ابتكارات غيرت مسار التاريخ، كالمحراث، والعجلة، والمراكب الشراعية وأول خريطة معروفة، وغيرها الكثير.

أخيراً، وبعد ثماني سنوات، انضممت إلى مختبرات التسريع التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق بعد أن أطلق البرنامج أول مختبراته في العراق، من أجل فهم التحديات التي تواجه المجتمعات المحلية بشكل دقيق، وتوسيع آليات صمود هذه المجتمعات وتكييفها. وهو واحد من 60 مختبراً مماثلاً حول العالم، أُطلقت لمعالجة تحديات التنمية في القرن الحادي والعشرين، ولتستكشف ما لم يتم استكشافه، وتدرس بعمق الأنظمة القائمة لتحديد التحديات والفرص الحقيقية، واكتشاف الابتكارات المحلية لمواجهتها، وتقييم إمكانية تكرار هذه الابتكارات في أمكنة أخرى، في العراق والعالم.

أعطى مختبر التسريع التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق الأولوية لمشاكل البطالة عند الشباب، بما في ذلك التحديات والفرص والحلول المرتبطة بها من وجهة نظر السكان المحليين. لا أحد يعرف المشكلة الحقيقية أكثر من الناس الذين يعيشونها كل يوم ووجدوا حلولهم الخاصة لمواجهتها. يعمل مختبر التسريع على تحديد الأفكار القيمة المحلية ومساعدة السكان في توسيع نطاقها من خلال بناء شراكات ذات صلة.

المنهجية والفرضيات:

ما هي أفضل طريقة للوصول إلى السكان المحليين في العراق وإجراء استكشاف ميداني لتحدياتهم وأفكارهم وبناء علاقات حقيقية معهم؟

توجد الأفكار المحلية المبتكرة بشكل غير مرئي في المجتمعات، ويجري تداولها عبر الأحاديث الشفهية ولا تتناولها التقارير الرسمية المكتوبة عموماً. ولإجراء استكشاف حقيقي على أرض الواقع، وتحديد الحلول المحلية وفي الوقت نفسه بناء شراكات قوية، قرر مختبر التسريع في العراق توسيع أنشطته لتشمل فريقاً متطوعاً من الناشطين الذين يعرفون نبض الشارع والأفكار المحلية لكونهم على تواصل مباشر مع أفراد المجتمع، يشعرون بآلامهم ويفهمون احتياجاتهم.

الفرضية العامة هي أنه إذا قمنا ببناء فريق تطوعي لخدمة المجتمع من مختلف المناطق الجغرافية والقطاعات في العراق، فسنصبح قادرين على تحديد التحديات ذات الأولوية، واستكشاف الحلول المبتكرة بفعالية، وتعميم الطريقة الجديدة للتفكير في التنمية، وبناء شراكات محلية من أجل متابعة الأجندات المحلية وتوسيع نطاق الحلول المبتكرة.

في عام 2019، وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خريطة منهجية للأطراف المعنية، وهي تحديد داخلي للجهات الفاعلة ذات الصلة في العراق. ثم استضاف البرنامج في أربيل الجهات المعنية من المؤسسات المحددة في الخريطة وتم تدريبهم على التفكير التصميمي الذي يركز على الانسان والتفكير المنهجي.

مخطط الاطراف الفاعلة المؤثرة والمتأثرة ، من تصميم فريق ورشة التسريع في العراق، آذار (مارس) 2020

الإبتكار في العمل والنتائج والأنماط:

نجح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، خلال فترة قياسية، في تشكيل فريق مختبر التسريع لخدمة المجتمع، الذي يتألف من 30 متطوعاً من الفروع المحلية لبعض الوزارات القطاعية والقطاع الخاص والمجتمع المدني ومجاميع الشباب ورجال الأعمال، بالإضافة إلى الأمم المتحدة. وبهذه الخطوة، أنشأت الورشة بيئة تواصل فعال وحددت نقاط انطلاق الابتكار في العراق.

استخدم المختبر منهجيات معيارية (gamified) ومحلية مثل مسح وتحديد الأنظمة، والمخطط السببي، وإطار الفرضيات، لتوجيه المتدربين أثناء إعداد التحليل. وأحد التحديات المكتشفة هو قيام الشباب بتقييد خياراتهم المهنية في محاولة لضمان الحصول على وظائف حكومية، أو الخضوع لضغوط الأسرة المتعلقة بأن يصبحوا أطباء أو مهندسين. يُعرف هذا في مجال الأعمال والإدارة باسم "ضيق الرؤية في خيارات التوظيف Tunnel-Vision of Employment". ويعكف مختبر التسريع حالياً على تحديد الحلول المحلية لهذه المشكلة.

منهج مختبرات السريع في العراق صممه فريق مختبرات التسريع في العراق مطلع كانون الثاني (يناير) 2020

لقد دفعت نتائج مختبر التسريع التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي منظمات محلية ودولية أخرى إلى اعتماد المنهجيةنفسها، عبر تشكيل فرق تطوع محلية والبحث عن حلول محلية مجربة ومختبرة. استخدام نفس المنهجية من قبل منظمات اخرى يعتبر أفضل شكل من أشكال الإطراء وهو تأكيد بأننا على الطريق الصحيح.

فيما بعد، سيعمل مختبر التسريع في العراق، بدعم من الفريق التطوعي التابع له، على تحديد الحلول المحلية لمشكلة الرؤية التقليدية في التوظيف. كما سيعمل على استكشاف التحديات والحلول المحلية المرتبطة مباشرة بمشكلة تغير المناخ في العراق.