مزارعوا الموصل الحضريون

تحقيق الاكتفاء الذاتي المستدام لضمان الحصول على الطعام الطازج في المنزل

19 يونيو 2020

محمد علي يتفقد الخيار سريع النمو في حديقة منزله.

بعد أن كانت مزدهرة بالحدائق الخضراء التي ميزت المراكز الحضرية القديمة في بلاد ما بين النهرين، تستعيد مدينة الموصل الحياة فيها من نهر دجلة مجدداً من خلال إنشاء حدائق منزلية وبيوت زجاجية للزراعة لتوفير الغذاء اللازم للسكان وتمكين أهالي الموصل عبر أنظمة زراعية جديدة ومبتكرة.

"خلال فترة الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا، ومن خلال زراعة الخضروات الطازجة منزلياً – الخيار والطماطم والباذنجان – تمكننا من الحصول على طعام خالٍ من المواد الكيمياوية، ساعدني هذا ايضاً في توفير الأموال التي كنت انفقها في شراء هذه الخضروات من السوق." تقول كولي، 55 سنة، أم لخمسة أطفال وهي احد النازحين العائدين الى الموصل، وكانت قد تلقت الدعم لإنشاء حديقة لزراعة الخضروات في منزلها.

تعمل كولي في مجال الزراعة منذ ثلاثون عاماً وهي سعيدة للغاية برؤية الجميع يعودون إلى مزاولة الزراعة.

أنفقت كولي الأموال التي جمعتها من التدريب الذي تلقته عبر برنامج النقد مقابل العمل لشراء المزيد من البذور لزراعة المحاصيل.

الدمار الذي خلفته معركة استعادة المدينة من سيطرة تنظيم "داعش" حولها الى كومة من الركام والانقاض وجعل منها ارضاً غير صالحة لزراعة الفواكه والخضروات. وفي عام 2019، بالشراكة مع أوكسفام وبتمويل سخي من وزارة التعاون الاقتصادي الألمانية عبر بنك التنمية الالماني، اختار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 1,200 شخصاً من أهالي الموصل للمشاركة في برامج النقد مقابل العمل وتلقي تدريب عن الزراعة الحضرية.

ايشان تتفقد محصول الخيار الذي تزرعه في بيت بلاستيكي منخفض الارتفاع.

بعد إزالة الأنقاض من المدينة، بدأ العمل لإنشاء 20 بيت زجاجي للزراعة – حيث تلقت 600 أسرة أدوات زراعية. بالشراكة مع مديرية الزراعة العراقية، تم تدريب الأسر من مختلف مناطق الحمدانية وتلكيف والموصل على البستنة وزراعة الحدائق المنزلية والتسميد ومبادئ الزراعة بما في ذلك زراعة النباتات وإزالة الأعشاب الضارة ومكافحة الآفات الزراعية والأمراض والحصاد باستخدام تكنولوجيا الزراعة الحضرية. كما حصل المتدربون على أدوات ومواد لبدء زراعة طعامهم الخاص - عربات اليد والمجارف والمعاول ومعدات انشاء البيوت الزجاجية منخفضة الارتفاع بالإضافة الى بذور الخضروات وأصص الزراعة.

يزرع بشار البالغ من العمر 24 سنة، الخيار ليبيعه في السوق.

"تساعدني الحديقة الخاصة بي على التوفير عند شراء الخضروات كما تساعدني أيضاً في الاستفادة من مخلفات المطبخ –  كل من فضلات الطعام والمياه!" تقول أمينة، 65 سنة. "أعيش في منزلي مع أفراد أسرتي الثمانية، لذا فإن توفير الوقت والمال الذي كنا ننفقه عادة عند الذهاب إلى السوق أمر مفيد للغاية."

تبيع أمينة جزءاً من المحصول وتحتفظ بالباقي لأسرتها وجيرانها.

أمينة تقف منبهرةً بسرعة نمو محاصيلها.

الزراعة الحضرية هي أكثر من مجرد تحقيق الأمن الغذائي. تشجع أنظمة ومبادئ الزراعة الحضرية المجتمعات على العمل معاً، وتحول المواطنين الى أفراد منتجين وليس مجرد مستهلكين، كما أن الزراعة الحضرية تشجع على الابتكار مما سيحقق الاستفادة الأكثر من المساحات المزروعة ويقلل الأعباء المالية عبر استغلال المساحات الخضراء الصغيرة الموجودة في الحدائق المنزلية.

"أحب أن أتمكن من توفير الطعام المغذي لأسرتي من حديقتي الخاصة!" يقول علي محمد، 52 سنة، أب لستة أطفال. ويضيف: "بعد شهرين فقط من الزراعة، أحصد الآن 25-30 كجم من الخيار كل ثلاثة أيام، وهذا يكفي لسد حاجة أسرتي وجيراني".

يقطف علي محمد الخيار لمشاركته مع أسرته وجيرانه.

يحصد علي محمد الآن 25-30 كجم من الخيار كل ثلاثة أيام.

بالإضافة إلى البيوت الزجاجية والحدائق المنزلية، يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وأوكسفام على بناء خمسة أكشاك في السوق يمكن أن يستخدمها المزارعون الحضريون لبيع منتجاتهم وتحقيق دخل إضافي. سيتم إنشاء الأكشاك في قرى قوبا وشريخان وسلمية وستبقى مفتوحة بعد الانتهاء من المشروع، لضمان حصول المستفيدين على مساحة مخصصة لبيع منتجاتهم.