الحصول على المياه النظيفة يبعث البهجة لقرية بأكملها في الأنبار

في يوم المياه العالمي، اقرؤوا كيف غيرت المياه النظيفة حياة سكان هذه القرية.

22 مارس 2021

هادية من سكان قرية الخصيم سعيدة بالحصول على المياه لتأدية اعمالها اليومية

بالنسبة لفلاح كامل عبد الله الذي يبلغ من العمر 25 عاماً، ويعمل في الزراعة، كان الحفاظ على مزرعته أمرا صعبا بسبب نقص إمدادات المياه إلى قريته المعروفة باسم الخصيم والواقعة في قضاء القائم، الأنبار. تعرضت محطة معالجة المياه التي كانت توفر المياه للقرية بأكملها، بما في ذلك مزرعته، لأضرار جسيمة أثناء عمليات التحرير من تنظيم داعش. نتيجة لذلك اضطر سكان القرية إلى قطع مسافات طويلة كل يوم لجلب المياه من أقرب مصدر. 

فلاح يغسل شاحنته خارج بيته

ومع ذلك، تختلف الحياة اليوم بالنسبة لقرية الخصيم حيث تم مؤخراً إعادة تأهيل وترميم محطة توكلنا على الله لمعالجة المياه في المنطقة. بالنسبة إلى فلاح، فأن الحصول على المياه من خلال الأنابيب في منزله ادى إلى تحسين نوعية حياة أسرته بشكل كبير. يصف فلاح حياته قبل الحصول على الماء “لقد كانت عملية مرهقة للغاية. كان علينا السير لمسافات طويلة للحصول على المياه من النهر وكنا نتحمل مشاق حملها مرة أخرى. وفي أيام معينة، كنا نشتري الماء المنقول في صهاريج". 

تقع القرية على نهر الفرات على بعد 250 ميلاً (400 كيلومتر) شمال غرب بغداد بالقرب من الحدود السورية. على الرغم من اهل هذه القرية يعيشون على طول النهر، فإن الحصول على المياه النظيفة كان حلما بالنسبة لهم حتى بدأت محطة المياه بالعمل مجددا في وقت سابق من هذا الشهر. يضيف فلاح: "الحصول على المياه النظيفة هو حقنا، نحن ممتنون لرؤية هذا الأمر يتحقق. أستطيع أن أرى التغيير الجذري في قريتي، حيث يتمتع الناس الآن بنوعية حياة كريمة وصحية بشكل أكبر". 

اعتاد سكان القرية السير لمسافات طويلة لجلب الماء من نهر الفرات

اجمع القرويون في الخصيم على أن الحصول على المياه النظيفة قد غيّر حياتهم. هذا بالإضافة الى الانتهاء من معاناة جلب المياه كل يوم، حيث قالوا إن ذلك سيقلل أيضا من أخطار الأمراض المنقولة عبر المياه. هذا ما قالته نعمة حمد جاسم البالغة من العمر 23 عاما، والتي تبحث حاليا عن  وظيفة. 

تؤكد امل ان استعادة المياه الصالحة للشرب قد غير حياتها نحو الافضل

من ناحية أخرى، فإن محمد جاسم محمد البالغ من العمر 40 عاما يشعر بالحماسة للعودة إلى طقوسه اليومية المتمثلة في غسل شاحنته كل صباح. يقول محمد الذي يعمل سائق شاحنة، "لقد عانينا الكثير بعد الحرب. المياه كانت قذرة وملوثة. الاعتماد على أجر يومي كمصدر للعيش غير ثابت لا يمكن التنبؤ به. في بعض الأحيان كان علينا شراء المياه التي كان من الصعب تحمل كلفتها. في الوقت نفسه، لم يكن هناك كهرباء مما تسبب في الكثير من الصعوبات لاسرتي". 

تعد صهاريج نقل المياه حل مؤقت لسكان قرية الخصيم، حيث تصل تكلفة صهريج المياه الى 20,000 دينار عراقي  (13 دولار أمريكي) لحوالي ثماني غالونات من المياه فقط. اما اليوم، فان إمدادات المياه مجانية. تخدم إعادة تأهيل محطة المياه أغراضا متعددة، بما في ذلك تحسين نوعية الحياة وزيادة الإنتاج الزراعي وضمان مياه الشرب الآمنة، والأهم من ذلك، خلق بيئة مستقرة للناس للعودة الى بيوتهم. 

صورة مشروع المياه قبل وبعد تأهيله

"خدمة المياه ممتازة. المياه النظيفة تصل إلى كل أسرة في المنطقة. الماء هو العنصر الأساسي للحياة. لن نتمكن من العيش بدونه"، هذا ما قاله علي عبود، 48 عاما، والذي يعمل في محطة المياه منذ عام 2009. بعد أن شاهد علي عبود الدمار بشكل مباشر، يقول وهو أب لتسعة أطفال ويملؤوه الامل: "أنا سعيد لرؤية الخدمات يتم تجديدها واستعادتها. ونأمل أن يؤكد هذا العمل للناس أنه يمكننا العودة إلى حياة ما قبل الحرب". 

أعاد برنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي تأهيل محطة معالجة المياه بدعم من الوكالة الامريكية للتنمية الدولية. يخدم هذا المشروع قرية بأكملها يزيد عدد سكانها عن 2000 نسمة. تنتج محطة المياه اليوم أكثر من 200 لتر مكعب من المياه، أي حوالي ضعف حجم مرآب السيارات. 

تم تاهيل مشروع ماء توكلنا على الله بدعم من الوكالة الامريكية للتنمية الدولية

عند التحدث إلى حمد جاسم محمد البالغ من العمر 50 عاما، والذي يعمل في دائرة الكهرباء، قال: "اثناء سيطرة تنظيم داعش، كان الوضع مروعا، لم يكن لدينا ماء أو كهرباء. محطة المياه كانت تحتوي على مضخة واحدة فقط تقوم بسحب المياه والضخ في آن واحد، ونتيجة لذلك لم نحصل على مياه نقية". بالإضافة إلى وظيفته اليومية، يعمل حمد أيضا فلاحا في مزرعته. 

"نحن ممتنون لما وصلنا اليه اليوم بعد تحرير المدينة، ونأمل أن نتلقى المزيد من الدعم لمساعدتنا في إعادة بناء قريتنا. تقع أقرب مدرسة على بعد 1.8 ميل (3 كيلومترات) من القرية، وأقرب مستشفى يمكنه استقبال حالات الطوارئ يقع على بعد أكثر من 24 ميلاً (40 كيلومترا)"، يوضح حمد. 

حمد وهو يرينا مزرعته

بعد ثلاث سنوات من تحرير القائم، ما زال العمل على ارساء الاستقرار في المنطقة يجري على قدم وساق، لكن الفجوات لا تزال قائمة. عاد أكثر من 100،000 شخص إلى ديارهم، وتمت استعادة الخدمات الأساسية، بما في ذلك المياه والكهرباء، ومازال الاقتصاد المحلي في طور الانتعاش. ومع ذلك، لا يزال الحصول على الخدمات الأساسية مثل المدارس والمراكز الصحية يمثل تحديا. 

"ان الماء هو اصل الوجود بل اكثر اهمية من ذلك. فبفضل المياه ماشيتنا تتمتع بصحة جيدة، وحقولنا مزدهرة. إنها هدايا الطبيعة الثمينة لنا لاستمرار الحياة على الأرض"، يقول حمد مبتسما وهو يصب لنا كوباً من الماء. 

حمد وهو يصب لنا كوبا من الماء