قصص عن الصمود: تمكنت نائلة ورشا وآنو من التغلب على كل الصعاب

8 مارس 2022

نساء في تدريب مهني للخياطة في تكريت.

 

 

في اليوم العالمي للمرأة، تحدثنا إلى ثلاث نساء عراقيات في رحلتهن لإعادة بناء حياتهن بعد الصراع مع داعش. هذا جزء مقتضب حول ما قُلْنَ.

نحتفل كل عام بهذا اليوم الحافل بالإنجازات المتنوعة للمرأة، وندعو إلى العمل ضد جميع أشكال عدم المساواة بين الجنسين. موضوع هذا العام هو كسر التحيزات وايقافها ضد المرأة. إن هذا اليوم يدعونا إلى اتخاذ إجراءات لكسر نفس التحيزات والأحكام المسبقة التي تخبر النساء والفتيات أن هناك أشياء مثل الوظائف والتعليم لا يمكنهن القيام به.

 يعد التحيز الجنساني في العراق أحد العوائق امام وصول النساء والفتيات إلى الوظائف والتعليم. معظم النساء عاطلات عن العمل في العراق خصوصاً مع الصورة النمطية المتعلقة بالهيمنة الذكورية التي تمنح الرجال دور "المعيل" في كثير من الأحيان والتي تجعل دور المرأة يقتصر على المنزل. ومع ذلك، تقوم النساء العراقيات كل يوم بكسر هذه الحواجز ويقمن بتغيير هذه التصورات لكسب الدخل وإعالة أسرهن - مثل نائلة ورشا وآنو.

يعمل مجلس اللجوء الدنماركي في "ديالى"، و"صلاح الدين"، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أجل دعم النساء لتحقيق تطلعاتهن الاقتصادية. ويأتي هذا الدعم على أشكال مختلفة مثل نشاطات النقد مقابل العمل الذي شاركت فيه "نائلة"، أو التدريب المهني الذي تلقته "رشا"، أو منح الاعمال التي استفادت منها "أنو" لبدء عملها الخاص.

نائلة ونساء أخريات يزلن العشب في حضانة الاطفال كجزء .من أنشطة النقد مقابل العمل في قضاء الخالص في ديالي

 

 

قصة نائلة

شاركت نائلة التي تبلغ من العمر 34 عاماً، في نشاطات النقد مقابل العمل، في مشتل للنباتات في قضاء الخالص التابع لمحافظة ديالى. وتقول نائلة "لم يكن لدي أي نوع من أنواع العمل من قبل - كانت تلك أول فرصة أتيحت لي في حياتي، لقد كانت فرصة رائعة. أشعر بالحماس للعمل أكثر والمضي قدماً في حياتي".

وتقول نائلة: "إن الوضع في قضاء الخاص يجعل من الصعوبة إيجاد فرصة عمل"، وتضيف "هناك نقص في فرص العمل. معظم الناس عاطلين عن العمل، وخاصة النساء، ومن الصعب كسب الدخ ". حيث تعمل نائلة مع اخيها لإعالة أسرتهما الكبيرة المكونة من 14 شخص.

لقد تغيرت الصورة النمطية للمجتمع حول أن المرأة لا تستطيع العمل من خلال هذا النشاط. كما تقول نائلة "عندما شاركت النساء في المشروع، قلل ذلك من مفهوم عدم السماح للمرأة بالعمل. أدرك المجتمع أنه يمكن للمرأة المشاركة في أنواع معينة من العمل".

في حقيقة الأمر فقد كان للمشروع آثار طويلة الأمد، على الرغم من أنه استمر لمدة أربعين يوماً فقط، ولكن كان للمشروع آثار طويلة المدى على نائلة. "استثمرت أموالي بطريقتين. أولاً، أنفقت بعض المال على علاج والدتي لأنها مريضة. ثانياً، استخدمت أيضاً بعض المال لبدء مشروعي الصغير، حيث اشتريت ماكينة خياطة وبدأت في خياطة الملابس للعائلة والجيران".

تقول نائلة، إنها تعلمت الخياطة من والدتها عندما كانت طفلة .كانت تحلم دائما أن تكون خياطة لكن هذا الحلم لا ينتهي عند هذا الحد، حيث أن لديها خطط كبيرة. "خطتي هي أن يكون لدي ورشة عمل لتعليم النساء كيفية الخياطة. لذلك، يمكنني توسيع نطاق عملي، وخلق الفرص للنساء، وتقديم خدمات أفضل لمجتمعي".

.نساء يشاركن في ورشة خياطة في تكريت

 

 

قصة رشا

نزحت رشا والتي تبلغ من العمر 23 عاماً مع عائلتها أثناء الصراع مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) الى تكريت، حيث تعيش الآن هناك. لم تتمكن من العودة إلى المنزل الذي تم تدميره. عندما بدأت الحرب مع داعش كان هناك قصف في المنطقة. لذلك، كما فعلت جميع العائلات، اضطررنا إلى الفرار نحو منطقة أكثر أماناً. أتمنى أن نعود إلى مدينتنا الأصلية، وأن نتمكن من إعادة بناء منزلنا ويمكننا أن نكون قريبين من أقاربنا وأصدقائنا". من العوائق الأخرى التي تحول دون عودة رشا إلى ديارها نقص فرص العمل.

بينما يحصل والد رشا على معاش تقاعدي صغير من وظيفته السابقة كموظف حكومي، ويعمل شقيقها ككاسب، إلا أنها تقول إنه لا يكفي لإعالة أسرتهما المكونة من سبعة أفراد. لقد كانت حريصة على المساعدة لكنها لم تكن متأكدة من كيفية البدء. حيث تقول رشا: "كان التحدي الرئيسي بالنسبة لي هو أنه لم يكن لدي مهارات أو تاريخ مهني. كنت أرغب دائماً في مساعدة أخي وأبي لتغطية نفقات الأسرة والمساعدة في إعادة بناء منزلنا المدمر".

لكن، كما تقول رشا، يقتصر عمل النساء على وظائف معينة وفقاً لمعايير النوع الاجتماعي. "النساء في مجتمعاتنا لديهن مساحة محدودة للعثور على وظائف مناسبة ومقبولة، في حين أن الرجال لديهم كل المساحة التي يحتاجون إليها ويمكنهم العمل في أي وظيفة. "الخياطة، كما تقول، هي واحدة من الوظائف القليلة المقبولة في المجتمع. لقد كانت متحمسة لسماع أن المجلس الدنماركي للاجئين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي يقدمان التدريب والمساعدة. "تتيح هذه الأنواع من التدريبات فرصة للأشخاص لكسب الدخل وإيجاد سبل العيش. فلولا هذا التدريب، كنت سأظل بدون مهارة، ولن أحظى بفرصة لفتح عمل تجاري أو حتى العثور على وظيفة".

تحاول رشا فتح مشروعها الخاص بعد حصولها على التدريب. وكذلك ترتب خطواتها القادمة لرؤيتها المستقبلية. "حلمي هو أن أصبح خياطةًً مشهورة، وأوسع من نطاق عملي، وأوظف النساء اللواتي بحاجة الى العمل، وخاصة المطلقات والأرامل. أريد أيضاً أن أكسب ما يكفي لإعادة بناء منزلنا والعودة إليه".

 

قصة آنو

تبلغ آنو من العمر 28 عاماً وهي امرأة مطلقة وتعيش في تكريت مع والدتها وشقيقها وزوجة شقيقها وابن أختها. بقيت أنو وعائلتها نازحين خلال الصراع مع داعش. لسوء الحظ، فقدت شقيقها ووالدها أثناء النزاع. هذا جعل آنو المعيل الوحيد لعائلتها.

منذ أن عادت آنو إلى المنزل، قالت: "الوضع يتحسن، ولكنه لم يكن كما كان قبل الصراع. لقد كان أكثر أماناً، مع المزيد من فرص العمل".

وتقول أنو من الصعب جداً على النساء العثور على عمل، على الرغم من أنها تمكنت في النهاية من العثور على عمل في صيدلية. بصفتي امرأة شابة مطلقة، كان الأمر صعباً حقاً بسبب التقاليد التي تمنع النساء من العمل خارج المنزل. العمل خارج المنزل وضعني تحت ضغط المجتمع، وتعرضت لانتقادات من أقاربي الذكور. لكن الحاجة إلى إيجاد الدخل دفعتني لتجاهل كل ذلك ومواصلة العمل".

بينما تحسن وضعها هي وعائلتها عندما وجدت وظيفتها، كانت آنو تأمل في بدء مشروعها التجاري الخاص باستخدام مهاراتها في الطهي. "أنا جيدة في الطهي، لكنني كنت بحاجة إلى دعم مالي لتوسيع عملي. ولم يكن لدي أي وعي بإدارة الأعمال ". بعد التدريب الذي تقول آنو إنه ساعدها في تعليمها عن التسويق والشؤون المالية وإدارة الأعمال، حيث تم دعمها من قبل المجلس الدنماركي للاجئين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وذلك بتقديم منحة لمساعدتها في بدء عملها في إعداد وجبات الطعام عند الطلب. الآن تقول إنها تتلقى طلبات من جميع أنحاء المنطقة، بل إنها قامت بتوظيف موظفة - امرأة مثلها عادت إلى تكريت بعد طول سنوات النزوح بسبب صراع. وتسترسل آنو بالقول: "زبائني راضون تماماً عن عملي، ويتزايد عدد الطلبات يوماً بعد يوم".

وتكمل قائلة إنها تحب أن تكون مديرة نفسها وأن تكون قادرة على دعم الآخرين بعد أن ساعدها الكثيرون أثناء نزوحها. علاوة على ذلك، تقول إنها تحب أن تكون امرأة لديها مشروع تجاري ناجح في مجتمع "مليء بالتحديات". تواجه النساء تحديات في العمل خارج المنزل. حيث أن العمل بين الرجال مقيد في مجتمعاتنا. لكن الرجال أحرار في العمل في أي وظيفة وفي أي مكان.

تدير آنو أعمالها من منزلها في الوقت الحالي، لكن مثل نائلة ورشا، تقول إن لديها أحلاماً أكبر. "في الوقت الحالي عملي في منزلي، لذا لن يؤدي ذلك إلى مشاكل مع المجتمع. أنا أحترم تقاليد المجتمع. لكن لاحقًا أريد أن يكون لديّ مطعم عام في السوق بجوار الأنشطة التجارية للرجال. سأواجه التحديات، لكنني مستعدة لها. وآمل أن أفعل ذلك قريباً، لأن حلمي هو امتلاك علامتي التجارية الخاصة وفتح فروع في كل مدينة".

تم تقديم الدعم للنساء مثل نائلة ورشا وآنو من خلال مشروع نفذه المجلس الدنماركي للاجئين بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للاستجابة السريعة للازمات وبناء القدرة على مواجهتها في العراق. كان ذلك ممكناً بفضل التمويل السخي المقدم من وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية،  والمقدم من خلال بنك التنمية الألماني. 

 تم تغيير الأسماء لحماية هوية النساء اللواتي تمت مقابلتهن.