تعزيز ريادة الأعمال لدى الشباب

مساعدة الشباب اليمني على تأسيس أعمال تجارية جديدة وخدمة مجتمعاتهم

24 أكتوبر 2021

Women take part in a training session of My First Business at Yasser Arafat School in Tuban, Lahj governorate. | Photo Credit: UNDP Yemen/2021

هناك القليل من البرامج التي تقدم المساعدة للشباب اليمنيين القاطنين خارج المدن الرئيسية والراغبين في تنمية روح ريادة الأعمال والمهارات اللازمة لإنشاء أعمالهم التجارية الخاصة. وحتى عندما يكون التدريب على المهارات المهنية وريادة الأعمال متاحاً فغالباً ما يكون الشباب - والنساء على وجه الخصوص - غير قادرين على حضور تلك الدورات إما بسبب تكلفتها أو لحاجتهم للسفر إلى المراكز التي تعقد فيها.

كان اليمن ولا يزال بلدًا يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية متزايدة حتى قبل اندلاع الصراع الأخير وظهور جائحة فايروس كورونا المستجد. وفي الوقت الراهن ووفقًا لأحدث التقديرات فإن حوالي 24.1 مليون شخص - أي أكثر من 80 في المائة من السكان - يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية أو الحماية.

وكاستجابة مباشرة للوضع الراهن، بدأ تنفيذ برنامج تدريبي جديد بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية (KSrelief). ويهدف هذا البرنامج التدريبي الى إكساب بعض المجتمعات الأكثر فقرًا في اليمن مهارات العمل اللازمة وزيادة حصيلتهم المعرفية والفنية بالأعمال والحرف التي يمارسونها، حيث يساعد مشروع "تدريب ودعم المهارات المهنية والتجارية" الشباب والشابات الريفيين بين سن الثامنة عشرة والأربعين من العمر على اكتساب المهارات التي يحتاجون إليها لتأسيس أعمالهم الخاصة والحفاظ على استمراريتها بالإضافة الى إحداث نمو اقتصادي والدفع في اتجاة تبني ثقافة جديدة لريادة الأعمال في مجتمعاتهم.

إن مساعدة هؤلاء الشباب في إنشاء أعمال مستدامة لا يقتصر هدفها على ضمان توفير الدخل لأسرة واحدة، وإنما هي استكمال للجهود الرامية لاستعادة سبل العيش، الأمر الذي سيساهم في إحداث إنتعاش إقتصادي في البلاد. جرى تنفيذ هذا المشروع من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ووكالة تنمية المشاريع الصغيرة والأصغر (SMEPS) الذين ينظرون لهؤلاء الشباب اليمنيين ولأعمالهم التجارية الجديدة على أنها جزءٌ مهم من مستقبل يكون فيه اليمنيون أكثر قدرة على الصمود.

يحدثنا ميثاق عبد الرؤوف، مدرب برنامج "مشروعي الأول" المنضوي تحت مشروع تدريب ودعم المهارات الفنية والتجارية المقدم من وكالة SMEPS، عن التدريب قائلاً: "يركز التدريب على كيفية البدء بمشروعك الخاص، ويتم من خلاله إعطاء المتدربين مفاهيم في ريادة الأعمال، وإدارة الوقت والذات والتخطيط."

تتمحور الدورة التدريبية حول الخطوات العملية اللازمة لإنجاح الأعمال التجارية. فعلى سبيل المثال، يتم تعريف المتدربين على كيفية وضع خطة عمل ومساعدتهم على فهم المتطلبات التي تحتاجها أعمالهم الخاصة لضمان نجاحها. يمتد التدريب ليشمل حساب المصروفات والإيرادات والأصول الواجب توافرها للبدء في إنشاء مشروع صغير. ويتلقى كل متدرب أيضًا مساعدات عينية تشتمل على الأدوات والمعدات الأساسية التي تعينهم على تنفيذ مشاريعهم على أرض الواقع.

يستمر الأستاذ ميثاق عبد الرؤوف في حديثه قائلاُ: " نقوم بالإشراف على المتدربين في كل خطوة يقدمون عليها إلى أن نصل بهم إلى مرحلة تقدير قيمة المنتج، ومن ثم إلى فهم معايير الربح والخسارة. وفي نهاية البرنامج التدريبي يخرج المتدرب بخطة عمل أو دراسة جدوى تساعده على البدء بتأسيس مشروعه الخاص."

يتلقى المشاركون التدريب المعرفي على اختلاف مجالاتهم وتعتبر تلك خطوة أولية وأساسية في المشروع. ثم ينتقل المشاركون للتدريب المهني والتقني حيث يتعلمون من أصحاب الخبرة والمحترفين في المهن والحرف التي يرغبون باستكمال معارفهم وخبراتهم فيها. أما بالنسبة للخطوة الأخيرة فيضع المتدربون خططُا لأعمالهم ويحصلون على الأدوات والمعدات الأساسية التي يحتاجونها لتطبيق ما تعلموه على أرض الواقع. وتعتمد قيمة الدعم العيني الذي يتلقونه على المهنة التي يتدربون عليها. فعلى سبيل المثال يحصل المتدربون العاملون في صيانة الهواتف المحمولة على دعم بقيمة 1,000 دولار أمريكي كحد أقصى.

يقول فارس مقبل – المتدرب في حياكة المعاوز: "نحصل من خلال المشروع على منحة عينية بقيمة 600 دولار أمريكي توفّر لنا المواد والمعدّات اللازمة لبدء مشاريعنا." وبالنسبة لطيبة عبد الله– المتدربة في صناعة المعجنّات– والتي ستتلقى منحة عينية بمبلغ 700 دولار أمريكي فتقول: "أصبَحَت لديّ المعرفة الكافية بإدارة المال وكيفية الاستفادة منه لتقديم شيء مختلف عن منتجات السوق."

يأتي المشاركون يوميًا من مناطق وقرى محافظة لحج المختلفة للتدرب على إدارة الأعمال ولديهم دافع واحد؛ وهو خلق واقع مختلف لأنفسهم وللمساعدة في تغيير حياة عائلاتهم للأفضل.

"زوجي يعمل بالأجر اليومي، وبالكاد نتمكن من توفير احتياجاتنا الأساسية"، هكذا تقول عفاف عُبادي– المتدربة في صناعة المعجنّات- واصفةً وضعهم وحالهم المادي. هذا الوضع مشابه لوضع شمس عيدروس– المتدربة في حياكة المعاوز– حيث تقول: "نعيش في منزل تتشاركه ثلاث أُسر ولا يمتلك أي فرد منهم عملًا ثابتًا."

يُنفّذ المشروع في ثمانِ مديريات موزعة على أربع محافظات وهي حضرموت ولحج وإب وذمار بواقع 490 مشاركاً في مجال الصناعات الغذائية و355 مشاركاً في مجال إنتاج المنسوجات و190 مشاركاً في مهارات صيانة الجوال. يقول المتدرب فارس مقبل بصوت مليء باليقين "هذا المشروع سيغير حياتي وحياة أسرتي. كنا نعيش حياة بسيطة في السابق أما الآن فسنحيا حياةً أفضل. أنا متفائل بشأن مشروعي الخاص بحياكة المعاوز والذي سينتشلنا من وضعنا المعيشي الصعب."

أما بالنسبة لنعمة علي –المتدربة في صناعة المعجنّات– فإن هذا المشروع منحها إحساساً جديداً بذاتها. تقول نعمة: "بعد التحاقي بالدورة التدريبية أشعرني بأني سيدة أعمال، لقد بدأت بالتعلم الآن وتدربت على كيفية إدارة مشروعي والآن باستطاعتي تحسين وضعي المعيشي عن طريق بدء مشروعي الخاص."